إمرأة من الشرق..غادة السمان | محمد السعدي

محمد السعدي رئيس تحرير شبكة بيدر الإعلامية
محمد السعدي رئيس تحرير شبكة بيدر الإعلامية

غادة السمان.. كاتبة وأديبة وشاعرة سورية ناشطة في الكتابة والنشر والفكر والجرأة في طرح الافكار حول قضايا المرأة والمجتمع والتقاليد والتحرر ، ولدت في العاصمة دمشق مطلع الأربعينيات لعائلة سورية دمشقية ميسورة الحال، والدها كان من رجالات الدولة والعلم والأدب، ومن هنا كانت بداياتها الأولى مع الإبداع والأدب والحياة، من منفاه الباريسي تواصل معتركها الأدبي والسياسي في الصحف والمواقع وأرشيفها الشخصي من تجارب حب ورسائل عشق جمعتها مع شخوص مروا بحياتها، وتركوا أثراً يحكى به، مما سجلت سابقه واضحة وجريئة في العلاقات الإنسانية في أطر تقاليد مجتمعاتنا المكبلة بالقيود والتخلف، إنها لمعة استثنائية في عالمنا اليوم وفي جرأتها بنشر رسائل الحب وعشق مع شخصيات مهمة في عالم الأدب والنضال وعلى الرغم ما تعرضت له من المتابعين والنقاد بتقليل من أهمية تلك الرسائل وتسطيحها والتقليل من أهمية كتبها التي سطرت بها رسائل الشاعر اللبناني أنسي الحاج والمناضل الفلسطيني غسان كنفاني ، ووصفها البعض إنها بلغت عتياً من الزمن وبدافع اليأس والمرارة.

الذين مروا بحياة الأديبة غادة السمان ، وتركوا أثراً واضحاً مازال ملياننا بالذكرى والحنين الشاعر كمال ناصر والشاعر اللبناني أنسي الحاج ، لكن الأكثر صخباً وعنفواناً هو الشاعر والسياسي الفلسطيني غسان كنفاني وهذا ماورد في سيرة غادة السمان بنشرها رسائل غسان لها وما حملت من مشاعر حب وهموم مشتركة وقضايا ملتهبة.

تزوجت غادة مرة واحدة في حياتها من مالك دار نشر الطليعة في بيروت بشير الداعوق البعثي الانتماء وقومي الهوى وأنجبت منه ولداً أسمته حازم تيمنناً باحد ابطال روايتها ( ليل الغرباء ) . تعرض زواجها الى سيل من الافتراءات والسيناريوهات واعتبروه بمثابة علاقة النار بالثلج لاختلاف طباعهما، ونظرتهما لجدلية ومعترك الحياة اليومية، لكن في حياتها الزوجية الجديدة دحضت تلك السيناريوهات التي أخرجت مسبقاً عن سيرة حياتها الزوجية ، فعاشت حياة زوجية طبيعية وشاركته بهموم الحياة ومسراتها، ولازمة حياته بأصعب ظروفه في تعرضه الى المرض ، وظلت مخلصة له الى آخر يوم في حياته، لكن في حياتها وفي جانبها المخفي والممنوع، والذي كشف عنه بعد سنوات تفاصيل وأسرار من قصص عشق ورسائل حب مع مبدعين عرب في محط اهتمام وتناول روادها ومعجبيها ومتابعيها.

كانت أحدى رسائل المناضل والشاعر غسان كنفاني الى غادة . يقول لها ” أنت من جلدي ، وأحسك مثلما أحس بفلسطين ، ضياعها كارثة بلا أي بديل ، وغيابها دموع ، تستحيل معها لعبة الاحتيال ” فردت عليه .. أيها البعيد كذكرى طفولة ، أيها القريب كأنفاسي وأفكاري أحبك وأصرح بملئ صمتي أحبك.
ولعدة سنوات كانت الرسائل متبادلة بينهم الى حد الهيام لكنهما لم يلتقيا الا مرتين ، وكان هذا النوع من الادب الراقي والغير رسمي والممنوع في مجتمعاتنا ، وغير متعارف عليه في اوساطنا الأدبية . وتكتب له مرة أخرى في روعة لهفتها له .. ضمني إليك كالكفن وكن موتي الاخير.
تلك الرسائل ، التي أطلق سراحها أعتبرها البعض تمس وتأثر على جانب مفاوضات ” أوسلو في وقتها . ومن يتابع نشاطات غادة السمان على مستوى الشاشة واللقاءات الصحفية فهي مختفية تماماً بعد أن اصيبت بخيبة أمل كبيرة بآخر أطلاله لها من القاهرة ، بعد أن أكتشفت أن المذيعة التي تجري الحوار معها لم تقرأ حرفاً واحداً من منجزاتها الادبية ولا عن أهم محطاتها الحياتية .
في عالمنا اليومي المتردي والمرتبك على المستويات الانسانية والفكرية والتراجعات الحياتية في بناء الانسان ووعي الشعوب ، تعد غادة السمان من الرائدات العربيات في منجزها الفكري والاجتماعي من أفكار وآراء حرة وجريئة في أختراقاتها للممنوعات ودعوتها الى التحرر والتوق والانسان.

محمد السعدي | رئيس تحرير شبكة بيدر الإعلامية

Exit mobile version