Site icon ألوان أوروبا

المساندة النفسية للناجين من الكوارث والأزمات | سمر مَدْور

سمر مَدْور | طالبة علم نفس وكاتبة
سمر مَدْور | طالبة علم نفس وكاتبة

المساندة النفسية للناجين من الكوارث والأزمات.. إن التعرض للأخطار والكوارث بات وللأسف واقعاً مؤلماً للكثير من الدول وبما أن الأحداث الصادمة في الغالب تترك آثاراً كثيرةً في نفس الإنسان، فإن التعرض لأيِّ نوعٍ من الصدمات سواءً كانت نفسية أو جسدية قد تجعل الشخص أكثر عُرضةً للإصابة بالاضطرابات المزمنة على المدى البعيد. لذلك سأقوم في هذا المقال القصير بتعريف المرحلة الأولى من الصدمات وذكر مجموعة من الإسعافات الأولية للمتضررين في حال حدوث الأزمات والكوارث. ماهي الصدمات النفسية؟ كيف يتهيأ الجسم في اللحظات الأولى بعد الصدمة؟ ماهي العوامل تؤثر على نوعية التأثر النفسي وشدته؟ وماهي الإسعافات النفسية الأولية التي يجب تقديمها للمتضررين.

من الجدير بالذكر أن الصدمات ليست جميعها سلبية بالمعنى الموجز، بل قد تؤثر بعض الصدمات بشكل إيجابي على شخصياتنا في ظروفٍ معينة، حيث أن التعرض لبعض الأحداث الصادمة أحياناً قد يساعد على وضعِ طُرُقٍ للتعايش مع هذه الأوضاع في المستقبل، وتساهمُ في تكوينِ شخصيةٍ أكثر مرونة. بيد أن لكل شخص مخزونه من قدرة التحمل، وعادةً ما يكون للصدمات المكررة تأثير سلبي على صحتنا النفسية. حيث أثبتت الدراسات أن التعرض المتكرر للصدمات النفسية يجعل الشخص أكثر عرضة لاضطراب الشخصية، كالشخصية الحدِّية، اضطراب الشخصية الفصامية والعديد من المشاكل الأخرى.

ماهي الصدمات النفسية؟

تعّرّف الصدمة كأي حدث خارجي فجائي غير متوقع يتسم بالحدة ويفجر الكيان الإنساني بحيث لا تستطيع وسائل الدفاع المختلفة أن تسعف الإنسان للتكيف مع تلك الحالة.

تتنوع الأسباب والأحداث الفاجعة والصادمة التي قد تعرّض الفرد للصدمات النفسية كالكوارث الطبيعية والفيضانات، الزلازل، والحرائق بالإضافة لأحداث فردية كحوادث المرور، الأمراض الجسدية الخبيثة والاعتداءات الجنسية وما إلى ذلك.

كيف يتهيأ الجسم في اللحظات الأولى بعد الصدمة؟

إن ردود الأفعال السريعة ضرورية جداً لتهيئ الجهاز العصبي والدماغ للاستجابة بشكل مثالي، فحين يفسر الدماغ حدثاً ما على أنه مفاجئ وخطير يتأهب الجسم للتعامل مع هذا الخطر عن طريق إفراز هرمون الأدرينالين الذي ينقل أجسادنا من وضعية الهدوء والاسترخاء إلى وضعية التأهب والخوف في ثوان معدودة.

 

كيف يؤثر الأدرينالين على الجسم؟

عندما يفرز الجسم الأدرينالين بسرعة في الدم، يرسل إشارات معيّنة للأعضاء لخلق استجابة محددة تتناسب مع الموقف، حيث تزداد يقظة الدماغ، يشتت الإحساس بالألم، وترتفع معدل ضربات القلب مما يؤدي لزيادة إنتاج الدم ويرفع ضغط الدم وبالتالي يزيد القوة بشكل مؤقت في الجسم ويساعد الجسم على تفعيل وضع الهروب أو القتال (Fight or flight)

في حال استمرار الظروف التي تحفز التوتر، يَنتج رد فعل عكسي لجهاز التوتر: حيث ينخفض ضغط الدم ونبض القلب، يتم تخدير الشعور بالألم، ترتخي العضلات ويتحول الأمر إلى حالة خدر تمكّن من معايشة حالة الهلع بدون وعي كامل للحصول على فرصة ثانية للهرب وهذا ما يؤدي إلى الإصابة بما يسمى في اضطراب التوتر المزمن.

العوامل تؤثر على نوعية التأثر النفسي وشدته

هناك عدة عوامل تأثر على نوع التأثر النفسي التي قد يصيب نذكر منها:

 

الإسعافات النفسية الأولية

1- اصطحاب الشخص إلى مكان آمن والتحلي بالهدوء وإظهار الدعم والمساندة الاجتماعية.

2- تذكير الشخص أن ردود الفعل عند الصدمات تختلف باختلاف الأشخاص وأنه من الطبيعي وجود مشاعر الحزن والذنب والنكران.

3- تقدّيم الدعم العملي عن طريق تأمين الاحتياجات الأساسية من مساكن آمنة، غذاء ولباس بالإضافة إلى الإسعافات والعلاجات الجسدية الأولية.

4- الاستماع بدون الضغط على الشخص، وإظهار الرغبة بالاستماع والتواجد عند حاجة الشخص لك، مع التأكد من دراية الشخص برغبتك في الاستماع.

5- السعي لإيصال المعلومات الصحيحة حول الكارثة والإجابة بصدق على الأسئلة المتعلقة بالحادثة.

6- إظهار التضامن والمناصرة والحديث عن استراتيجيات المواجهة الأساسية وتذكير الشخص أنه ليس وحيداً في محنته. مع استخدام الردود المنطوقة الإيجابية، في بعض الأحيان يكفي الجلوس صامتاً بالقرب من الشخص لتأمين الثقة والأمان.

غالباً ما يتعافى الناجين من الكوارث الطبيعية في نهاية المطاف لكن من الطبيعي جداً شعورهم بالأعراض أثناء وبعد الكارثة.

 

وختاماً سنذكر بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة النفسية

وفي حال كان الأمر ممكناُ لابد من تهيئة الفحوصات النفسية والعلاج النفسي للمتضررين سائلين الله الشفاء لجميع الناس والرحمة لأمواتهم.

————————–

يمكنكم قراءة: كل ما يجب معرفته عن اضطراب الوسواس القهري 

المساندة النفسية للناجين من الكوارث والأزمات

Exit mobile version