الملكة اليزابيث .. رحلت عن عالمنا منذ ساعات قليلة ملكة بريطانيا الملكة اليزابيث الثانية عن عمر يناهز 96 عاماً بعد أن استمرت في حكم بريطانيا 70 عاماً، حيث اعتلت عرش بريطانيا وهي في ال25 من عمرها، وقد عاشت الملكة اليزابيث الثانية الكثير من الأحداث خلال حياتها المليئة بالفرح والحزن والكثير من الأحداث والمحطات الهامة التي قد لا يعرفها البعض، واستطاعت أن تحافظ الملكة اليزابيث على قوتها طوال حياتها لذلك سنتعرف سوياً على أبرز المحطات في حياة الملكة اليزابيث منذ طفولتها وحتى رحيلها.
طفولة الملكة اليزابيث الثانية
وُلدت الملكة اليزابيث الثانية في 21 أبريل عام 1926 لوالدها الأمير البرت دوق يورك الذي سمي لاحقاً وبعد أن اعتلى عرش بريطانيا بالملك جورج السادس، ووالدتها هي اليزابيث بويه ليون وهي الابنة الصغرى للارستقراطي الاسكتلندي كلود باوز ليون الايرل، وقد وُلدت اليزابيث بعملية ولادة قيصرية وهي الابنة الأولى لوالدها، حيث وُلدت شقيقتها الصغرى الأميرة مارجريت بعدها ب4 سنوات، وقد سُميت اليزابيث بهذا الاسم نسبة إلى والدتها التي تحمل أيضاً نفس الاسم.
وقد تلقت الملكة اليزابيث وشقيقتها الأميرة مارجريت تعليمهما في المنزل على يد المربية الخاصة بهم ماريون كراوفورد الشهيرة ب (كروفي) وتحت إشراف والدتهم، ودرست الشقيقتان الموسيقى والأدب والتاريخ واللغة، وقد نشرت المربية كروفي لاحقاً كتاب بعنوان (الأميرات الصغيرات) تصف فيه طفولة الملكة اليزابيث وشقيقتها الأميرة مارجريت وهو الأمر الذي أثار غضب واستياء العائلة المالكة البريطانية.
ووصفت المربية كروفي في هذا الكتاب طفولة الشقيقتين وأن الملكة اليزابيث في طفولتها كانت تحب الخيول والكلاب كثيراً وكانت على قدر عالي من تحمل المسئولية كما كانت شخصية مميزة وتحب التأمل، وعلى الرغم أن الكتاب لم يسيئ للملكة اليزابيث ولا شقيقتها إلا أن العائلة المالكة لم تبدي إعجابها بنشر الكتاب بل أثار استيائهم.
مرحلة شباب الملكة اليزابيث
كانت اليزابيث مقربة من جدها الملك جورج الخامس حيث أنها كانت تتردد عليه كثيراً في فترة مرضه وتعتني به بنفسها، وفي أثناء فترة حكم جدها الملك جورج الخامس كانت اليزابيث هي المرشحة الثالثة لتولي عرش المملكة البريطانية، بعد عملها الأمير إدوارد أمير ويلز ووالدها دوق يورك، ولم يكن متوقع وصولها للحكم حيث كان عمها شاب ومن المتوقع أن يتزوج وينجب الكثير من الابناء.
وعندما توفي جدها الملك جورج الخامس في عام 1936 تولى عمها الحكم، وأصبحت الملكة اليزابيث هي المرشحة الثانية للحكم بعد والدها، إلا أن الظروف لعبت دوراً هاماً في حياة اليزابيث عندما أحب عمها سيدة تدعى واليس سمبسون وكانت امرأة مطلقة مرتين وهي من ولاية بنسلفنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ولكن رغبة إدوار الثامن بالزواج منها خلقت أزمة كبيرة في المملكة البريطانية مما أدى إلى تنازله عن العرش لشقيقه دوق يورك لكي يستطيع الزواج منها، وأصبح دوق يورك الملك جورج السادس ملك بريطانيا على أثر أزمة شقيقه، وبهذا أصبحت اليزابيث هي المرشحة الأولى للعرش بعد والدها حتى لو أنجب والدها شقيق أخر لها.
الملكة اليزابيث والحرب العالمية الثانية
عندما دخلت بريطانيا الحرب العالمية الثانية وحدث على لندن قصف جوي اقترح السياسيون أن تسافر الأميرتين اليزابيث وشقيقتها مارجريت إلى كندا خوفاً عليهم، ولكن رفضت والدتهم ذلك قائلة: لن تغادر الأميرتين بدوني وأنا لن أغادر بدون زوجي، وزوجي لن يترك بريطانيا العظمي في تلك الظروف.
واستقرت الأميرتين في قلعة بالمورال في اسكتلندا ثم انتقلوا إلى منزلهم في ساندرينجهام في نورفولك وبعد ذلك استقروا في قلعة وندسور التي عاشوا فيها خمس سنوات، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية قدمت الأميرة اليزابيث أول بث إذاعي لها من خلال BBC وكان عمرها 14 عام في ذلك الوقت وخاطبت الأطفال الذين تم إجلائهم من المدن وكان أبرز ما قالته: أننا نحاول فعل كل ما بوسعنا لمساندة الجنود والطيارين والبحارة البواسل في كل أنحاء بريطانيا العظمي، ونحاول تحمل نصيبنا من ألم وآسى الحرب ولكننا نعلم جميعاً أن كل شئ سيكون على ما يرام قريباً.
مناصب تقلدتها اليزابيث قبل أن تصبح الملكة اليزابيث
عندما بلغت اليزابيث 16 عام تقلدت منصب عقيد وقامت بزيارة فرق المشاة وكان هذا أول ظهور رسمي لها، وفي سن ال18 تغيرت القوانين من أجلها واستطاعت أن تحتل منصب واحدة من الخمس مستشارين للدولة لكي تمثل والدها في حالة مرضه أو سفره خارج البلاد، وتدربت اليزابيث على القيادة والميكانيكا وتمت ترقيتها لتكون قائد فخري، وفور انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت اليزابيث وشقيقتها مارجريت أول المحتفلين في شوارع لندن واختلطا بالشعب للمرة الأولى.
الملكة اليزابيث تقع في حب الأمير فيليب
قابلت الملكة اليزابيث زوجها الأمير فيليب للمرة الأولى في عام 1934 حيث كان ابن الأمير اليوناني الدنماركي آندرو والأميرة آليس أميرة بيتينبرغ،و كانا أقرباء من خلال الملك كريستيان التاسع ملك الدنمارك جد الأمير فيليب من والده، وكان كريستيان التاسع جد ثالث لاليزابيث من جدتها الملكة فيكتوريا، ودرست الأميرة اليزابيث مع الأمير فيليب في الكلية الملكية البحرية في دارتموث عام 1937، ووقعت اليزابيث في حب فيليب منذ ذلك الوقت حتى أنهما كانا يتبادلا الخطابات في الأجازات، وتمت خطوبتهما رسمياً في عام 1947، وعلى الرغم من أن والدة اليزابيث كانت من أكثر المعارضين لهذا الزواج لأن فيليب كان وضع عائلته المادي سئ جداً، غير أنه وُلد خارج بريطانيا وكان رأي مستشارين الملك أن الأمير فيليب لا يناسب الأميرة اليزابيث حيث أنه أمير بلا وطن و بلا مملكة.
فيليب يتخلى عن كل شئ من أجل اليزابيث
وفي ظل معارضة الكثير من أطراف العائلة المالكة البريطانية لزواج الأمير فيليب من الأميرة اليزابيث، إلا أن الحبيبان تمسك كل منهما بالأخر وتنازل فيليب عن كل الألقاب الملكية التي حصل عليها من عائلته الألمان والدنمارك، وأصبح الملازم فيليب حيث أنه خدم في البحرية الملكية البريطانية كما أنه حصل على الجنسية البريطانية من والدته، وقبل زفافه على الأميرة اليزابيث كان يجب أن تمنحه العائلة المالكة البريطانية لقب لكي يليق بالأميرة اليزابيث، فمنحه الملك جورج السادس والد اليزابيث لقب صاحب السمو الملكي وتم تلقيبه بدوق ادنبرة.
زواج دوق ادنبرة فيليب من الأميرة اليزابيث
بعد أن تم منح فيليب لقب دوق ادنبرة ثم زواجه من الأميرة اليزابيث في 20 نوفمبر 1947 في دير ويستمنستر، وتلقى الزوجان 2500 هدية زفاف من جميع أنحاء العالم، ولم يتمكن فيليب من إحضار أقربائه الألمان إلى حفل زفافه بما في ذلك شقيقاته الثلاث حيث أنهم متزوجات من أمراء ألمان، ولم يتم دعوة الأمير إدوارد عم الأميرة اليزابيث الذي تنازل لوالدها الملك جورج السادس عن الحكم.
أنجبت الأميرة اليزابيث من زوجها دوق ادنبرة فيليب ابنهما الأول تشارلز في 14 نوفمبر 1948، وقد منحها والدها الملك جورج السادس أمر ملكي بمنح أطفالها ألقاب أمراء وأميرات ولولا هذا الأمر الملكي لم يكن سيحصل ابناء اليزابيث من فيليب أي لقب ملكي حيث أن والدهم ليس أمير ملكي، وانجبت اليزابيث بعد ذلك ابنتها آن في عام 1950، واستأجر الزوجان بيت بالقرب من قلعة ويندسور ثم انتقلوا إلى الإقامة في قصر كلارنس بلندن، وكان فيليب يسافر مع البحرية الملكية حيث كان يعمل ضابط بها في هذا الوقت.
الملكة اليزابيث الثانية تتوج ملكة بريطانيا
بدأت الحالة الصحية للملك جورج السادس والد اليزابيث تتدهور في عام 1951 وبدأت الأميرة اليزابيث في الظهور مكان والدها في المناسبات الرسمية، وكانت الأميرة اليزابيث تحب السفر كثيراً وفي جولتها عام 1952 سافرت هي وزوجها فيليب إلى استراليا ونيوزلندا عن طريق كينيا، وهناك جاء لهم خبر وفاة والدها الملك جورج السادس وتحديداً يوم 6 فبراير، وأصبحت الأميرة اليزابيث هي الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا وعندما طلب منها مستشاريها إذا كانت تود تغيير اسمها من البزابيث إلى اسم أخر تريده مثلما يفعل الملوك والأمراء رفضت، وقررت الاحتفاظ باسمها كما هو.
خلاف الملكة اليزابيث وزوجها فيليب بعد حكمها لبريطانيا
بعد أن أصبحت الملكة اليزابيث هي الحاكم الرسمي لبريطانيا العظمى كان من المتوقع أن يتغير اسم العائلة المالكة إلى لقب عائلة زوجها فيليب (مونتباتن) كما هو معروف وسائد أن الزوجة تحمل اسم عائلة زوجها إلا أن جدة اليزابيث لوالدها الملكة ماري ورئيس وزراء المملكة المتحدة ونستون تشرشل عارضوا ذلك، وطلبوا من الملكة اليزابيث الاحتفاظ باسم العائلة المالكة كما هو (وندسور)، ووافقت الملكة اليزابيث على ذلك وأصدرت فرمان رسمي بإبقاء اسم وندسور على العائلة المالكة وهو الأمر الذي أزعج زوجها فيليب بشدة حتى أنه قال: أنا الرجل الوحيد بهذه الدولة الذي لا يحق له إعطاء لقبه لأولاده وغضب من الملكة اليزابيث كثيراً، إلا أن بعد وفاة الجدة الملكة ماري وبعد استقالة تشرشل في عام 1955 حمل فيليب وابنائه لقب (ويندسور مونتباتن).
إقراء أيضاً : من هي ميركل؟ وما هي أسرار حياتها الشخصية؟
الملكة اليزابيث تنجب مجدداً
كانت تحرص الملكة اليزابيث على رعاية أطفالها تشارلز وآن وفي نفس الوقت تباشر أعمال الدولة، وحملت الملكة اليزابيث في مولودها الثالث الأمير آندرو في عام 1959 ثم انجبت الأمير إدوارد عام 1963، وفي تلك العامان فقط امتنعت الملكة اليزابيث عن افتتاح البرلمان البريطاني كما كانت تحرص كل عام وطوال فترة حكمها لم تتغيب أبداً عن افتتاح البرلمان البريطاني.
الملكة اليزابيث والصحافة
كانت تحرص الملكة اليزابيث دائماً على الاحتفاظ بمشاعرها الشخصية وارائها بعيداً عن الإعلام والصحافة، وكانت نادراً ما تجري مقابلات صحفية طوال حياتها، وعلى الرغم من حب الشعب البريطاني للملكة اليزابيث إلا أن شعبيتها قد تراجعت في التسعينيات بعد حادث وفاة الأميرة ديانا أميرة ويلز، حيث كان يرى الرأي العام أن للعائلة الملكية يد في الحادث الذي أودى بحياة ديانا على أثر انفصالها عن العائلة المالكة، إلا أن الملكة اليزابيث أصرت على أن تكون جنازة ديانا ملكية وقامت الملكة اليزابيث بالانحناء لجثمان ديانا أثناء الجنازة، كما أن الملكة اليزابيث في اليوم السابق للجنازة وفي بث مباشر أشادت بالأميرة ديانا وقامت بنعيها بشكل شخصي على الرغم من كونها لم تعد فرد من العائلة الملكية بعد انفصالها عن الأمير تشارلز، الذي أصبح اليوم هو ملك بريطانيا بعد رحيل والدته الملكة اليزابيث الثانية منذ ساعات قليلة.
سالي شبل | منصة ألوان أوروبا للإعلام