تحقيق خاص بموقع العربي الجديد للصحفي الاستقصائي عبد اللطيف حاج محمد
تتقصّى “العربي الجديد” تبعات أخطاء تطبيق قواعد فصل الأطفال عن عائلاتهم وإعادة إيداعهم لدى جهات الرعاية عبر دائرة الخدمات الاجتماعية السويدية المعروفة بـ “السوسيال”، ما يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية.
– تعيش الطفلة السويدية إنغريد ذات الأعوام التسعة في دوامة من البكاء والهلع، خشية أن تُترك بمفردها ولو للحظات قصيرة، وتنتابها حالات قلق وخوف دائمين منذ عودتها إلى أسرتها العام الماضي بعد غياب 5 سنوات، عقب سحبها بواسطة دائرة الرعاية الاجتماعية “السوسيال” في عام 2016، وإيداعها لدى منزلي رعاية مختلفين على التوالي، وفق ما ترويه والدتها السويدية من أصول ألمانية كاثرين دوز.
وقررت “السوسيال” سحب الطفلة بعدما تناولت لمرتين دواء مخصصا لوالدها الذي يعاني من مرض عقلي، وتم الأمر عقب تحقيق وعرض للوالدة على طبيب نفسي شخّص إصابتها باضطراب طيف التوحد في 11 إبريل/نيسان 2016، لكن تبين لاحقا خطأ التشخيص، بحسب تقرير طبي صادر بتاريخ 21 يونيو/حزيران 2016، اطلعت عليه “العربي الجديد”، غير أن “السوسيال” قبلها قررت سحب إنغريد وإيداعها في منزل مخصص للطوارئ، (يستقبل الطفل لوقت قصير عندما يحتاج مجلس الرعاية الاجتماعية في البلدية إلى التحقيق في وضعه) لمدة شهرين، ثم نقلت إلى منزل الأسرة البديلة الذي مكثت فيه 3 أعوام لتنقل بعدها إلى منزل أسرة ثانية قضت معها عامين، وهذه التنقلات، بحسب الأم، هي ما جعلت إنغريد حاليا قلقة طوال الوقت تحسبا من نقلها إلى منزل آخر ومدرسة أخرى، كما أنها تفتقد الأسرة التي رعتها ولا يمكنها فهم سبب عدم رغبتهم في رؤيتها بعد الآن، كما صارت تعاني صعوبات في التواصل مع والدتها بعد فقدانها لغتها الألمانية.
ويشكّل فصل الطفل الخاضع للرعاية الاجتماعية عن بيئته الأصلية وشبكة المعارف الخاصة به كما حدث مع إنغريد، انتهاكا لحقوقه وفق ما تقر به إنجر ماري لارسون، مديرة دائرة الرعاية الاجتماعية (تتابع تطبيق قانون الرعاية الاجتماعية)، في مدينة غوتنبرغ الواقعة على الساحل الغربي للسويد، مؤكدة أهمية السماح للطفل بالبقاء على اتصال مع أسرته ولغته وثقافته، مراعاة لمصالحه، وهو ما يضمنه القانون رقم 1990:52، إلا أن تجاوزات في تطبيق قواعد القانون من قبل “السوسيال” تترتب عليها تبعات صحية ونفسية تضرّ بالأطفال، وفقاً لما توثقه “العربي الجديد” في التحقيق.
متى تُطبق قواعد إعادة الإيداع؟
تنص بنود قانون الخدمات الاجتماعية رقم (2001:453)، على أن تتم التدخلات لرعاية الأطفال والشباب (من عمر يوم وحتى 18 عاما) بالاتفاق مع الشاب ووالديه أو الذين يمتلكون حق الحضانة، وفي هذه الحالة، فإن مسؤولي الرعاية الاجتماعية في البلدية وبالتعاون مع الوالدين يخططون نوع التدخل الأفضل لمصلحة الطفل، وفي حال كان من غير الممكن توفير الرعاية اللازمة بموافقة العائلة، يُطبق قانون رقم (52: 1990) LVU الذي يتضمن أحكاما خاصة برعاية الشباب (يشمل كل من هم دون 18 عاما) وينظم عمل مجلس الرعاية الاجتماعية (socialnämnden) الموجود في كل بلدية، والذي يقرر سحب الطفل وإعادة إيداعه لدى إحدى جهات الرعاية، بحسب المحامي السويدي يوهان كارلسون، المتخصص في قانون الأسرة، والذي يعمل في شركة استشارات قانونية، موضحا أن تطبيق القانون يستلزم توفر ثلاثة شروط، هي أن يكون هناك خطرا كبيرا مرتبطا بمنزل الطفل أو اليافع ويهدد صحته أو نموه وحالته البدنية أو العقلية أو تقصير في رعايته، أو إذا كان يعرض صحته للخطر بسبب الإدمان أو نشاط إجرامي أو أي فعل آخر مدمر اجتماعيا، بالإضافة إلى تعذر تقديم الرعاية اللازمة طواعية بموافقة الأوصياء.
وبحسب المادة 11 من قانون LVU، فإن مجلس الرعاية الاجتماعية في البلدية هو الذي يقرر الشكل الذي يجب أن تبدو عليه رعاية الطفل ومكان إقامته خلال فترة الرعاية، وتنقسم الجهات التي ترعى الأطفال إلى منازل العائلات المضيفة، ومنازل رعاية الشباب، ومنازل الطوارئ، ومنازل الحماية المؤقتة (تؤوي المعرضين للخطر بشكل مؤقت)، بالإضافة إلى دور الشباب المخصصة للتعافي من تعاطي المخدرات التابعة لمجلس التعليم الوطني، كما يوضح ميكائيل ماتسون فلينك، المشرف على مراقبة تطبيق قواعد إعادة الإيداع في مؤسسة السوسيال.
وخضع 35.300 فرد للسحب وإعادة التنسيب لإحدى جهات الرعاية خلال عام 2020، وكان أكثر أشكال التنسيب هي منازل الأسر البديلة، إذ وضع 19.400 طفل وشاب في منازل عائلية، بحسب التقرير الصادر في أغسطس/آب 2021 عن مجلس الرعاية الاجتماعية في السويد ويرصد إحصاءات وجهود الخدمات الاجتماعية الموجهة إلى الأطفال والشباب في عام 2020.
قصور في عمل “السوسيال”
يثبت التقرير الذي رفعته إليزابيث دالين، أمينة المظالم المعنية بالأطفال (سلطة حكومية مهمتها تمثيل حقوق ومصالح الأطفال والشباب على أساس اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل) إلى الحكومة السويدية عام 2019، استمرارية الانتهاكات التي يتعرض إليها بعض الأطفال المودعين لدى جهات الرعاية الاجتماعية، ويرصد التقرير المعنون بـ”مَن يهتم… أصوات الأطفال ضمن الرعاية الاجتماعية”، أن هؤلاء حالتهم الصحية سيئة، والعديد منهم لا يحصلون على التعليم الذي يستحقونه، وهم معرضون للعنف والإيذاء.
وأعدت دالين، تقريرها عبر لقاءات مع الحالات، ووثقت انتهاكات خطرة خلال الأعوام 2010 و2011 و2018 بحق المودعين في دور الشباب الخاصة، وكذلك الأطفال ممن وضعوا في منازل عائلية، وما زال الحال على وضعه “على الرغم من أن المسؤولين يعرفون عن تلك الانتهاكات الآن”، بحسب ما نشرته دالين في تقريرها الأخير الذي أكدت فيه أن حق الأطفال في المشاركة بالتحقيقات والمواضيع المتعلقة بهم لم يتم الوفاء به أيضا.
وتتطابق نتائج التفتيش الذي أجرته دالين مع ما جاء في التقرير النهائي الصادر في فبراير/شباط 2020 عن مفتشية الرعاية الصحية والاجتماعية IVO (جهة رقابية حكومية)، والذي يثبت وجود أوجه قصور تتعلق بالتعامل الشامل والتوثيق وحق الأطفال في المشاركة في عملية التدخل بأكملها، بالإضافة إلى ملاحظات حول التعامل مع الشكاوى ومتابعة التدخلات والمراقبة، ويوثق 1297 انتهاكا متعلقا بذلك، عبر فحص 819 حالة تتوزع على 252 بلدية، وتم العثور على أوجه قصور في 549 حالة أي ما نسبته 67%.
وتصبح المخاطرة بالأطفال والشباب واردة، في ضوء أوجه القصور والتجاوزات التي يرصدها أيضا تقرير صادر عن المفتشية في مارس/آذار 2021، حمل عنوان “ما الذي شهدته المفتشية عام 2020؟”، وكان أبرزها تقييد “السوسيال” لاتصال الوالدين بأطفالهم المودعين والشباب، والافتقار إلى خطط الرعاية التي يتوجب على “السوسيال” إعدادها للأطفال المودعين في دور الرعاية أو لدى الأسر البديلة، بالإضافة إلى عدم التحقيق في المعلومات المتعلقة بالعنف، ولم تقف التجاوزات عند حد عدم حصول الأطفال على احتياجاتهم من الدعم والحماية، بل قد يصل الأمر إلى إصابتهم أو حتى موتهم وفقا للتقرير، وهو ما يوثقه “العربي الجديد” عبر حالة الطفلة السويدية إزميرالدا جوستافسون، والتي كان عمرها بضعة أسابيع فقط عام 2016، عندما قررت المحكمة الإدارية في بلدية نورشوبينغ جنوب شرق البلاد إيداعها لدى أسرة أخرى بسبب تعاطي والديها المخدرات، وبعد مرور سنتين ونصف السنة، أُعيدت الفتاة إلى والديها للعيش معهم على الرغم من الاستئناف المقدم من الأسرة الراعية، لكنّ محكمة الاستئناف قضت بعدم وجود أسباب تمنع إزميرالدا من العودة إلى والديها البيولوجيين، حتى عُثر عليها ميتة في 30 يناير/كانون الثاني 2020 داخل المنزل بعد مضي أيام على الوفاة، وعلى جسدها آثار العنف، وأدينت الأم بالقتل، بعدما كشف فحص الطب الشرعي أن الفتاة أصيبت في رأسها ما أدى إلى وفاتها، بحسب قرار المحكمة النهائي الصادر في 21 يونيو/حزيران 2021، والذي اطلع “العربي الجديد” عليه، بالإضافة إلى تقرير مفتشية الرعاية الصحية والاجتماعية الخاص بالقضية، والذي يكشف أن دائرة الرعاية الاجتماعية تلقت تقارير قلق في ديسمبر/كانون الأول عام 2019، ويناير/كانون الثاني 2020، وفي المرتين حكم مجلس الرعاية الاجتماعية في بلدية نورشوبينغ (ينظر في التحقيقات الخاصة بسحب الأطفال) ببقائها ضمن أسرتها، من دون أن يكون لديه معلومات كافية حول وضع الطفلة بسبب تقصير من قبل المسؤولين عن متابعة حالة إزميرالدا بعد عودتها إلى منزل والديها.
للمزيد من المقالات يمكنكم زيارة موقعنا ألوان أوروبا للإعلام
تبعات صحية ونفسية
استعانت السويدية صوفيا راك (اسم مستعار بسبب عدم صدور حكم قضائي نهائي باستعادة أطفالها) بـ”السوسيال” في مارس 2020، للتدخل من أجل حماية طفليها من أي خطر محتمل بعدما اكتشفت أن زوجها مدمن، لكن ما حدث أنها قررت سحب الطفلين ونقلهما إلى منزل رعاية ولم تعترض الأم، لكن عندما قررت “السوسيال” بعد 5 أشهر نقل الطفلين إلى أسرة أخرى لم يتم التحقق من أهليتها للرعاية وتوجد في بلدية أخرى كما تقول، اعترضت واستأنفت قرار الرعاية خوفا على أطفالها لكنّ المحكمة ردّت استئنافها، ونُقل الطفلان إلى بيت الأسرة الجديدة، وبعد شهر واحد فقط فُصل الطفلان إذ اُعيد ابنها الأكبر ذو التسعة أعوام إلى منزل الأسرة الأولى، واستقر الثاني ذو الستة أعوام في منزل الطوارئ في بلدية شيستا بضاحية كيستا في استوكهولم، ولم يُسمح للطفلين بالتواصل مع بعضهما بعضا، كما مُنعا من التواصل مع والدتهما، وهو ما يخالف المادة 14 من قانون LVU رقم 52 لعام 1990، والتي تقضي بأن على “عاتق مجلس الرعاية الاجتماعية مسؤولية ضمان تلبية حاجة الشاب بالاتصال بالوالدين والأوصياء قدر الإمكان”، ونتيجة لذلك ظهرت علامات الاضطراب النفسي والإهمال على الابن الأكبر وفق ما يكشفه تقرير أعدته مدرسته بتاريخ 20 مارس 2020 يبين أنه يواجه صعوبة في بناء تواصل اجتماعي سليم مع أقرانه، بالإضافة إلى الغياب المتكرر عن المدرسة بنسبة 40%، مع ظهور علامات العداء غير المبرر ضد زملائه، إذ يلجأ للعنف والعضّ، وتخرج رائحة كريهة من ثيابه، وهو ما يفسره بير غرانكفيست، أستاذ علم النفس في جامعة استوكهولم، بأن عمليات التدخل والإيداع في منازل الأسر المضيفة، أو في دور الرعاية المؤسسية قد تخلق خطر زيادة الأمراض العقلية والمشاكل الاجتماعية بين الأطفال واليافعين وحتى الجريمة، معتبرا أن لا أدلة مقنعة على فعالية عمليات الإيداع.
ورغم أن التشريع وضع لتعزيز “المصالح الفضلى للأطفال”، ولكن لا تزال حالة البحوث حول الأثر العقلي والنفسي غير واضحة، إلا أن الخطر موجود دائما، وبشكل أكبر عندما يتم تطبيق القانون بشكل غير صحيح وتكون عمليات الإيداع غير مستقرة، وفق توضيح غرانكفيست، في حين أن فصل الطفل عن أسرته، عملية بحد ذاتها “مؤلمة”، على حد وصفه، مضيفا أنه لا ينبغي اللجوء إلى هذا الخيار ما لم يكن ذلك ضروريا للغاية لحماية الطفل من سوء المعاملة أو الإهمال أو غيرها من المخاطر الكبيرة التي تؤثر عليه وعلى نموه، قائلا إن :”الخدمات الاجتماعية تدرك هذا في الغالب، لكنهم في بعض الحالات يتصرفون على نحو متسرع ويقررون إعادة إيداع الأطفال بسبب أمور غير خطرة دون الأخذ في الاعتبار أن ذلك ينطوي على فصل مؤلم وقد يتكرر أيضا نظرا لعدم الاستقرار والانتقال من مكان إلى آخر”.
مشكلة نقص الكفاءة
تؤكد مفتشية الرعاية الصحية والاجتماعية في التقارير التي أصدرتها بين عامي 2010 و2013 أن ما يمر به الخاضعون للرعاية الاجتماعية يجعلهم بحاجة للحماية من أنفسهم ومن بعضهم البعض، وهذا يتطلب أن تكون لدى موظفي “السوسيال” طريقة توفر لهم الحماية، وأن يكون هناك استعداد ومعرفة بكيفية القيام بعملهم.
لكن دائرة الرعاية الاجتماعية توظف أخصائيي علم اجتماع حديثي التخرج، ولا يملكون المعرفة الكافية للتعامل مع القضايا، ولا يستشيرون الخبراء في المجالات التي يفتقرون فيها إلى الكفاءة، بحسب سوزان سافستروم ماركبجر رئيسة مجلس إدارة جمعية B.A.R.N (منظمة خدمات اجتماعية)، والتي تقول :”نشهد قصورا في إجراء التقييمات النفسية للأطفال الذين التقيانهم مع ذلك لا تقبل “السوسيال” النقد ولا تأخذ ملاحظات الجهات الرقابية بعين الاعتبار، وتتمتع بسلطة غير مقيدة في مجال رعاية أطفال الناس، ولا يمكن مراقبة ممارسات هذه السلطة بسبب تشريعات السرية والحفاظ على الخصوصية”، بحسب ماركبجر.
وترد نيكي ويستربرغ، مديرة المكتب الإعلامي لدائرة الخدمات الاجتماعية في العاصمة ستوكهولم، على ما يوثقه التحقيق من تجاوزات قائلة إن قرارات الحضانة تصدر عن المحكمة وتتم إعادة النظر فيها كل ستة أشهر على الأقل، ثم يمكن إجراء تقييمات جديدة إذا تغير الوضع والاحتياجات، مضيفة أن هناك العديد من الأمناء الاجتماعيين المسؤولين عن أجزاء مختلفة من العمل مع الأطفال الذين يتم وضعهم في منازل الأسر، وتنفذ زيارات للأطفال المودعين في منزل الأسرة البديلة بناءً على احتياجات الطفل الفردية، وهذا يتم مرتين سنويا على الأقل.
لكن إنجر لارسون تقول إن الخدمات الاجتماعية توصي بلقاء الأطفال 4 مرات على مدار العام للحصول على معلومات كافية حول وضعهم، بينما تقضي لوائح مجلس الرعاية الاجتماعية والمبادئ التوجيهية العامة (SOSFS 2012: 11) بشأن مسؤولية الخدمات الاجتماعية للأطفال المودعين لدى جهات الرعاية بتنفيذ زيارات شخصية منتظمة دون تحديد، وتؤكد لارسون أهمية الزيارات للأطفال كون الأسرة البديلة كأي منزل يمكن أن تنشأ فيها المشاكل العائلية بالتالي لا بد من متابعة الوضع والتدخل عبر تقديم الدعم والتوجيه، لكن إن ثبت عبر المتابعة افتقار منزل الأسرة البديلة إلى شروط الرعاية، فلا بد من نقل الطفل، لكن النقل وفقا لقولها “لا يحدث كثيرا”.
وتكشف البيانات المتعلقة بانتهاء الاحتفاظ والتدخل من قبل دائرة الرعاية الاجتماعية عام 2018 أن إنهاء الرعاية شمل 18.025 طفلا ويافعا، منهم 279 كانوا يعيشون لدى العائلات المضيفة، وفي عام 2019 كان العدد 12.532 طفلا ويافعا، منهم 215 كانوا يعيشون لدى العائلات المضيفة، وانخفض عدد من تم إنهاء التدخل بشأن حالتهم عام 2020 إلى 9891 فردا، ومن بينهم 191 كانوا قد أُدمجوا في عائلات مضيفة.
هل سحب أطفال الأسر المهاجرة أكبر؟
يرصد التقرير الأول للمشروع البحثي المعني بتحليل التحقيقات المتعلقة بالأطفال ممن يشتبه تعرضهم للعنف والتي يجريها موظفو دائرة الخدمات الاجتماعية، أن تطبيق قواعد إعادة الإيداع للأطفال شائع أكثر بين الأسر من أصول مهاجرة، بخاصة عندما تكون هناك مشكلة خطيرة في الأسرة، وبحسب بيرجيتا بيرسدوتر، كبيرة المحاضرين في العمل الاجتماعي في جامعة كارلستاد (عامة تأسست عام 1977)، وواحدة من الباحثين العاملين ضمن المشروع الذي ينفذ بالتعاون مع 15 بلدية، فقد حلل الفريق بيانات التحقيقات في الفترة الممتدة بين 15 مايو/أيار 2019 و30 إبريل/نيسان 2020، وتوصل إلى أن 22% من الأطفال المنحدرين من أسر أجنبية خضعوا لقانون LVU المتعلق بالقواعد الخاصة بحماية الشباب، بينما كانت النسبة أقل بين الأسر السويدية والدنماركية والنرويجية والفنلندية وكذلك المنحدرة من آيسلندا، إذ بلغت 9%، وعندما يتعلق الأمر بتلقي جهود طوعية (بموافقة الأوصياء) مثل الدعم أو العلاج في المنزل، حظى 58% من هؤلاء بدعم طوعي، بينما كانت نسبة الأطفال من أصول أجنبية 28%، وفقا لبيرسدوتر، والتي تقول :”يعني ذلك أن الأوصياء من أصول غير سويدية لا يريدون المساهمات التطوعية التي يتم تقديمها من قبل موظفي دائرة الخدمات الاجتماعية”، وهو ما يرصده أيضا تقرير صادر عن الوكالة السويدية لتحليل الرعاية الصحية والاجتماعية (تختص بمراقبة وتحليل الرعاية الصحية ورعاية الأسنان)، والذي يظهر أن الأطفال من أصول أجنبية يقبلون بالتدخلات الطوعية من قبل موظفي دائرة الرعاية الاجتماعية بدرجة أقل من الأولاد المولودين في السويد، على الرغم من الاحتياجات المماثلة.
تكاليف إيداع الأطفال لدى العائلات البديلة
تظهر البيانات التي حصل عليها “العربي الجديد” من قاعدة البيانات الخاصة بمجلس البلديات والمقاطعات السويدية SKR التكلفة التقديرية لنفقات الطفل بعد إيداعه لدى أسرة أخرى والتي تغطيها البلدية، إذ يبين التقرير الصادر عام 2021 أنه يتم احتساب 47.600 كرونة سويدية (4983 دولارا أميركيا) شهريا كتعويض للأسرة المضيفة كحد أعلى، ويتم تحديد حجم التعويض بناء على مدة المهمة وعمر الطفل، إذ يتم إجراء تقييم فردي لكل حالة.
ولا ينبغي أن تعتمد العائلات المُضيفة على استقبال الأطفال المسحوبين من ذويهم، باعتبارهم مصدر دخل رئيسي، لكنها تحصل على امتيازات أبرزها إعفاؤها من دفع الضرائب، بحسب ما جاء في الدليل التنفيذي للرعاية الاجتماعية لدى مجلس البلديات والمقاطعات.
وتُقدم سيسيليا مور، الاستشارية لدى مجلس البلديات والمقاطعات، مثالا حول كيفية حساب التكاليف والتعويضات التي تحصل عليها العائلة البديلة، بالنسبة للفئة العمرية بين 0 و12 عاما قائلة :”أدنى مستوى تعويض موصى به هو 4428 كرونة سويدية (464 دولارا) والحد الأعلى يصل إلى 6239 كرونة سويدية (653 دولارا)، وللفئة العمرية بين 13و19 عاما فإن أدنى مستوى تعويض موصى به هو 6620 كرونة سويدية (693 دولارا) وأعلى رقم هو 14854 كرونة سويدية (1555 دولارا)، وبالتالي هناك مستويات مختلفة من التعويض، تحددها مجموعة عوامل منها احتياجات الطفل الصحية وحاجته إلى زيارات متكررة الخدمات الصحية أو ربما يحتاج إلى الكثير من الدعم في العمل المدرسي ومع الأصدقاء في أوقات الفراغ”.
ورغم مراعاة البلديات لاحتياجات الطفل الصحية وتخصيص المبالغ لذلك، لكن تقريرا حول صحة الفم والأسنان لدى الأطفال، صدر عام 2020 عن مجلس الرعاية الصحية والاجتماعية الوطني، يبين أن الأطفال الذين يتم وضعهم لدى عائلات مضيفة يعانون من صحة فم أسوأ من الأطفال الذين يعيشون في منزل العائلة الأصلية، وتوصلوا إلى هذه النتيجة عبر إجراء مسح شمل 3367 طفلا ويافعا، ليتبين أن الأطفال الذين يتم وضعهم تحت رعاية بديلة مرات زيارتهم لمراكز الأسنان أقل بكثير من الأطفال الآخرين، وهو ما تؤكده الوالدة دوز، إذ إنها تشير إلى أن حالة أسنان طفلتها إنغريد تراجعت بشكل كبير في منزلي الأسرتين البديلتين، بسبب ضعف المتابعة.
المصدر: العربي الجديد