ريادة الأعمال في عصر الأزمات والحروب… عندما تعصف الأزمات السياسية والحروب في أي مجتمع يكون المسار الاقتصادي دائما هو الأكثر تأثراً في البدايات، والتغير في المنحنى الاقتصادي يتحول الى المحرك الأكبر لكل الأزمات المتتالية، حيث يزداد التضخم وتنخفض قيمة العملة الوطنية وترتفع الأسعار وندخل في النهاية في نفق الركود الاقتصادي المظلم والبطالة المرتفعة، ولكن هل يمكن الاستثمار وتأسيس الأعمال في ظل تلك الظروف؟
في الحقيقة نعم، وهنالك دائما نوافذ استثمارية مهمة في كل ظروف معينة، وتختلف تلك النوافذ في اختلاف أنواع الأزمات التي تعصف في المجتمع، فتجد مثلا زيادة الأرباح في تجارة المواد الغذائية الأساسية والمعلبات والشموع خلال فترات الحروب، كما ترتفع أسعار بعض الأصول والمواد كالأراضي والذهب، وجميعنا عاصرنا خلال العامين الماضيين حجم أرباح مؤسسات مختلفة مثل زووم وفيسبوك وسكايب الخ في فترة الوباء الماضي.
والسؤال الآن ما هي نوافذ الاستثمار الحالي؟
العمل الزراعي والحيواني أولا:
تعتبر السويد من الدول ذات الأراضي الواسعة و البيئة الخصبة القابلة للتأهيل في المجال الزراعي و الحيوان, و المعروف بأن النسبة الأكبر من المواد الغذائية يتم استيرادها من دول أوروبية او أمريكا الجنوبية, و مع شح الطاقة وتأثر العمليات اللوجستية شهدت عدت منتجات ارتفاع في الأسعار و حتى انقطاع في أوقات ما, وتعتبر السويد من الدول المتقدمة تقنيا و يسهل فيها تأهيل الأراضي و البيوت البلاستيكية و المزارع العمودية وخاصة في المناطق الممتدة من مدينة ستوكهولم حتى مالمو, وباعتبار ان عامل الاحتياج في السوق وحجم المبيعات هو الفيصل في نجاح أي مشروع فإن المجتمع السويدي مبني على فكرة دعم الشراء من المؤسسات المحلية و المنتجات الزراعية الطبيعية مما يسهل نجاح أي مشروع مبني بشكل متين في المجال الزراعي.
كلمة سر نجاح أي مشروع زراعي أو حيواني في السويد تعتمد على العقود طويلة الأجل، خاصة مع المؤسسات التي تتبع البلديات كالمدارس والمشافي والمطاعم المحلية، وبالتحديد بسبب وجود توجيهات على المستوى السياسي في اغلب البلديات لدعم المواد المصنعة أو المنتجة محلياً لدعم المؤسسات أولا وللحفاظ على الدورة المالية للضرائب في الداخل ثانياً.
وعلى اعتبار أن المهاجرين الجدد للسويد في أغلبهم يحملون ثقافة زراعية لكون الشرق الأوسط في الأصل من الدول الزراعية فإن المجال لازال مفتوح وخصب للاستثمار والعمل وخاصة ان الظروف القادمة غامضة على المستوى العالمي وحتى المحلي مع توقعات شبه مؤكدة بحكومة يمينية متشددة.
الطاقة البديلة:
لم يعد خافيا على أحد أزمة الطاقة التي تعيشها كل البلاد, والتوجه الى الاستثمار في الموارد الأخرى والطاقة البديلة كطاقة الرياح و الطاقة الشمسية أصبح مساراً باتجاه واحد لا يمكن الرجوع عنه, وعدد وحجم المؤسسات العاملة في هذا المجال غير كافي اطلاقا و لا يغطي حتى ربع احتياج السوق في الفترة الحالية, مما يفتح المجال للدخول في هذا العالم من أوسع الأبواب ربحية و استدامة على المدى الطويل, وخاصة أن مجال الطاقة في الاتحاد الأوروبي في الأصل يعتمد على الشركات الخاصة وليس الحكومية, وأغلب المصانع و المعامل اليوم بدأت تعاني من ضغط كبير بسبب زيادة حجم الطلب على الطاقة ونقص العرض في السوق مع توقعات بتوقف أجزاء من الإنتاج في حال انعدام وجود بدائل محلية, مما يفتح المجال واسعاً امام الاستثمار في هذا النوع من الموارد.